الشذرة العرفانية عنــد النفــــري
ويعني هذا أن المتصوفة قد سبقوا منذ فترة بعيدة شعراء ما بعد الحداثة والفلاسفة الشاذريين الغربيين إلى توظيف المقاطع الشذرية بمختلف أنواعها. بيد أن الشعرية العربية والغربية على حد سواء قد أهملت هذه الكتابة المقطعية التي أنتجها المتصوفة العرب، ولاسيما النفري صاحب الشذرات العميقة والموغلة في الرمزية، والتجريد، والتلميح، والتعريض.
وبناء على ما سبق ، يبدو أن الشذرية سمة حاضرة في مختلف الإبداعات والأجناس الأدبية الأخرى. ومن ثم، فهي خاصية أسلوبية من جهة، وجنس أدبي مستقل بنفسه من جهة أخرى.
والجديد في هذا الكتاب أنه يطرح، لأول مرة في الساحة الثقافية العربية المعاصرة، مقاربة منهجية جديدة لتحليل الإبداع الشذري أو النص الشذري تسمى بالمقاربة الشذرية إن دلالة، وإن صياغة، وإن مقصدية، بتوفير العدة المفاهيمية الإجرائية والتطبيقية التي حصرناها في مجموعة من الآليات والمبادئ التي تسعف الباحث أو الدارس في تفكيك النصوص وتشريحها وتركيبها.
ومازالت الكتابة الشذرية في الوطن العربي في حاجة ماسة إلى كتابات نظرية ونقدية وتوجيهية متميزة من حيث القراءة، والتحليل، والتقويم، والتوجيه.